سورة السجدة - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (السجدة)


        


{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (23) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)} [السجدة: 32/ 23- 30].
هذه أخبار فيها عظة واقعية، أولها تطمين النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم حول إيتائه الرسالة الكاملة، فلقد آتى اللّه موسى عليه السلام التوراة. فلا تكن يا محمد في شك من لقائك الكتاب، فإنا آتيناك القرآن كما آتينا موسى التوراة، فأنت كغيرك من الرسل، والصلة قائمة بين الرسالتين، فإن التوراة جعلت هداية وإرشادا لبني إسرائيل، وكذلك القرآن المجيد هداية لأمتك أيها النبي محمد، والمتأخر ينسخ المتقدم.
والمقصود من الآية: حمل اليهود على التصديق برسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وتحريض المشركين أيضا على التصديق بتلك الرسالة، للتشابه القائم بين الرسالتين والمهمتين، في أصولهما المشتركة، وفي ذات ما أنزل على كل من موسى ومحمد صلى اللّه عليهما وسلم.
ولقد جعلنا من بني إسرائيل أئمة يقتدى بهم، يدعون إلى الحق والخير والإيمان، بإذننا وتوفيقنا وإعانتنا، لما صبروا على طاعة اللّه وتنفيذ الدين الحق، وتصديق الرسل واتباعهم، وكانوا بآياتنا الدالة على التوحيد والقدرة الإلهية مصدّقين موقنين.
إن ربك أيها النبي يقضي يوم القيامة بين عباده فيما اختلفوا فيه من قضايا الاعتقاد، والدين والحساب، والثواب والعقاب، والعمل، فيثيب الطائع بالجنة، ويعذب العاصي بالنار.
أو لم يتبين لمكذبي الرسل كم، أي كثيرا ما أهلكنا من قبلهم من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم إياهم، مثل عاد وثمود وقوم لوط، يمر المكذبون المشركون في أسفارهم بمساكنهم وديارهم المدمّرة، إن في ذلك التدمير لدلائل وعلامات على قدرة اللّه عز وجل، وعظات وعبرا لقوم يتعظون بها. أو لم يشاهد هؤلاء المكذبون بالبعث الوثنيون أننا قادرون على الإحياء، كما نسوق الماء من السماء إلى الأرض اليابسة، فنخرج به زرعا أخضر تأكل منه أنعامهم، وتتغذى به أجسامهم، وتتقوى به أبدانهم، أفلا يبصرون هذا بأعينهم، فيعلموا أننا قادرون على الإعادة بعد الموت، كإحياء الأرض بعد موتها؟! وهذا دليل على إقامة الحجة على المشركين في معنى الإيمان بالقدرة الإلهية والبعث، بأن نبههم على إحياء الأرض الموات بالماء، والسوق: هو بالسحاب. والأرض الجرز: الأرض العاطشة التي قد أكلت نباتها من العطش.
ويتساءل هؤلاء المشركون عن موعد وقوع العذاب بهم، استبعادا وتكذيبا وعنادا، قائلين: ومتى يعذبنا اللّه بسببك، وأنت وصحبك ما نراكم إلا أذلة قليلين؟
إن كنتم صادقين في تهديدكم ووعيدكم.
فوبخهم اللّه في الجواب بقوله: قل أيها النبي لهؤلاء المكذبين برسالتك: إن يوم الانتقام والقضاء الفصل النافذ: هو يوم القيامة الذي لا ينفع فيه إيمان الكافرين ولا توبتهم، ولا هم يؤخرون فيه بالإعادة إلى الدنيا للتوبة والإيمان والعمل الصالح، لأن قبول الإيمان إنما هو في دار الدنيا، فلا تستعجلوا العذاب، فهو واقع حتما.
فأعرض أيها النبي عن هؤلاء المشركين، ولا تأبه بتكذيبهم، وتابع تبليغ رسالتك المنزلة إليك من ربك، وانتظر النصر الحاسم من الله الذي وعدك به، فإن الله سينجز لك ما وعدك به، وسينصرك على من خالفك وعاداك، إن الله تعالى لا يخلف الميعاد، وإنهم منتظرون الغلبة عليك والهلاك، فإن مصير الظالمين آت لا ريب فيه.

1 | 2